الرئيس السيسى صوت الضمير العربى

السيسي صوت الضمير العربي ومهندس التوازنات في زمن الانهيارات وقمة بغداد تشهد

متابعة : محمد مصطفى

في مشهد عربي استثنائي، شهدت العاصمة العراقية بغداد، انطلاق أعمال الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، وسط تحديات عاصفة تهدد بتمزيق الجسد العربي من أقصاه إلى أقصاه.

وفي قلب هذا المشهد، وقف الرئيس عبد الفتاح السيسي شامخًا، ليلقي كلمة مصر.. لا كخطاب بروتوكولي في مناسبة دورية، بل كنداء ضمير وقائد يحترف هندسة الاستقرار، ويؤمن بأن الأمة العربية لا تزال تملك أدوات النهوض إذا ما صدقت النوايا وتوحدت الصفوف.

مصر لا تساوم.. وقائدها لا يلين

منذ اللحظة الأولى، رسم السيسي بكلمته خارطة للموقف المصري، الذي لم يُراوغ يومًا في الحق، ولم يهادن في القضايا المصيرية. فبكلمات واضحة وحاسمة، أعاد التأكيد على أن القضية الفلسطينية ليست مجرد بند على جدول الأعمال، بل هي معيار أخلاقي وإنساني وسياسي لا يقبل التساهل أو التفريط. ولعل صدى كلماته حول جرائم الاحتلال في غزة، وما وصفه بـ”محاولة طمس الوجود الفلسطيني”، لم يكن مجرد توصيف، بل بمثابة “بلاغ تاريخي” يسجله زعيم لا يزال يقاوم وحده، في زمنٍ انشغل فيه كثيرون بالتطبيع على حساب الدم الفلسطيني.

بغداد تستمع.. ومصر تُوجه بوصلة العرب

حين تحدّث الرئيس السيسي، لم يكن يخاطب قادةً عربًا فقط، بل كان يُعيد تشكيل وجهة البوصلة، رافعًا شعار “أمة لا تموت”، رغم النزوح والحصار والانقسامات. وفي إشارة بالغة الذكاء، أشار إلى

أن السلام لن يتحقق حتى وإن طبّعت إسرائيل مع كل الدول، ما لم تقم دولة فلسطينية حقيقية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

هذا التصريح ليس ترفًا دبلوماسيًا، بل تأكيد على الثوابت التي لم تتزحزح يومًا في السياسة المصرية، والتي باتت اليوم أشبه بـ”صخرة التوازن” وسط أمواج من التواطؤ والصمت العربي والدولي.

الزعيم الذي لا يملّ من المبادرات

ولم تكتف مصر بدور المتابع أو الناصح، بل كانت ـ وما تزال ـ الطرف الأكثر فاعلية على الأرض. ففي ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية، لم تتأخر القاهرة، بقيادة السيسي، في الدعوة لعقد “قمة القاهرة العربية الطارئة” يوم 4 مارس 2025، تلك القمة التي رفضت بأوضح العبارات أي مشروع لتهجير الفلسطينيين من غزة، وطرحت خطة متكاملة لإعادة الإعمار.

الرئيس السيسي، الذي وصفه البعض اليوم بـ”حارس الكرامة الفلسطينية”، لم ينسَ أن يذكّر العالم بالتحركات المصرية، بدءًا من وقف إطلاق النار، مرورًا بإدخال المساعدات، وانتهاءً بإطلاق سراح الرهائن. وليس من المبالغة القول إن تلك الجهود كانت بمثابة “خط الدفاع الأخير” عن القطاع الجريح.

السيسي: قامة تُنقذ من الغرق

في كلمته، لم يكتف السيسي بالقضية الفلسطينية، بل مضى يعيد ترتيب الأولويات على الساحة العربية، واضعًا خطوطًا حمراء أمام محاولات تفكيك الدول المركزية، وعلى رأسها السودان وسوريا وليبيا واليمن والصومال ولبنان. لقد قدّم خطابًا شاملاً يُجسّد الزعامة لا الخطابة، يُخاطب فيه الجميع من موقع المسئولية التاريخية، لا من موقع الترف السياسي.

وفي لحظة صدق، أعاد السيسي التذكير بـ”عقيدة مصر” التي لا تقبل تجزئة القضايا، مؤكداً أن وحدة الدول، وعدم التدخل الخارجي، واحترام سيادة الشعوب، هي مفاتيح الاستقرار التي يجب أن نتمسك بها، إن أردنا للأمة العربية مستقبلًا مختلفًا.

نداء القائد إلى ترامب: كن راعيًا للسلام لا شاهداً على الدمار

ولم يغب عن خطاب السيسي عنصر الضغط الدولي، حين توجّه برسالة مباشرة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، داعيًا إياه لاستعادة الدور التاريخي للولايات المتحدة كوسيط نزيه، على غرار الدور الذي قاد إلى سلام “كامب ديفيد” بين مصر وإسرائيل. هذه الدعوة الذكية تنطوي على أمرين: تحميل المسؤولية لمن بيده مفاتيح اللعبة الدولية، وتذكير العالم بأن مصر ليست فقط طرفًا إقليميًا، بل شريكًا دوليًا يُدير الملفات الكبرى بثقة وصلابة.

السيسي يوقظ الوجدان العربي:

دعونا نكون على قلب رجل واحد

في ختام كلمته، لم يتحدث السيسي كزعيم دولة فقط، بل كأبٍ للأمة كلها. قالها بصدق: “فلنعمل معًا على ترسيخ التعاون، ولنجعل من وحدتنا قوة”. كلمات تحمل الحلم والألم، وترفع سقف التحدي لكل قائد عربي. إنها دعوة لتاريخ جديد، تُطلق من بغداد، لتقول إن العروبة لم تُدفن بعد، وإن مصر السيسي قادرة على أن تقود ـ إذا ما اجتمعت القلوب ـ مسيرة الخروج من النفق.

خطاب السيسي بوصلة في وسط الغياب العربي

خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة بغداد، ليس مجرد نص سياسي، بل وثيقة قيادية، تشهد على أن في مصر زعيمًا لا ينسى قضايا الأمة، ولا يراهن إلا على العدل، ولا يركن إلى الركود. لقد أعاد السيسي الروح إلى العمل العربي المشترك، لا بالكلمات فقط، بل بالمواقف والمبادرات والدموع التي لا تُرى، والضغوط التي تُبذل خلف الأبواب.

في زمن تتساقط فيه الأقنعة، يُثبت السيسي أن مصر لا تزال أمّ العرب، وأن صوتها لا يُشترى، ولا يُسكت، وأن قائدها هو بحق… ضمير الأمة ودرعها في مواجهة العبث والانهيار

موضوعات متعلقة

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours

حفل اللجنة الاجتماعية بنقابة المهندسين ببورسعيد بتكريم الأم المثالية

الكتلة البرلمانية ببورسعيد ترفض استقالة كامل ابو على