“حدث في 1973″يوميات ملحمة نصر أكتوبر

 

2 اكتوبر 1973

✍🏻نادية منصور

كانت ساعة الصفر للحرب ضد إسرائيل تقترب، وكانت الاستعدادات على الجبهتين المصرية والسورية تسير على قدم وساق وفى سرية تامة يوم 2 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1973.

«كان قرار الحرب فى هذا اليوم حقيقة واقعة خارجة عن إرادة صاحب القرار نفسه»

حسب رأى الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «أكتوبر 73، السلاح والسياسة»، والسبب كما يقول: «لأن الوحدات البحرية، المدمرات التى ستقوم بفرض الحصار على باب المندب، والغواصات التى تتسلل لتتخذ مواقعها على مداخل عدد من الموانئ الإسرائيلية، كانت كلها خرجت إلى البحر على الطريق إلى تنفيذ مهامها المقررة فى الخطة، ولما كانت هذه الوحدات البحرية سوف تلتزم بصمت لاسلكى كامل يعزلها تماما عن قيادتها، فقد كان معنى ذلك أنه لا وسيلة للاتصال بها إلا بعد أن تؤدى مهامها الأولى طبقا للخطة».

 

يؤكد الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان الجيش المصرى وقتئذ فى مذكراته «حرب أكتوبر 1973»: «كان من المستحيل إيقاف عجلة الحرب أو تأجيلها، كانت الحرب بدأت فعلا بالنسبة لبعض الوحدات، لقد أبحرت بعض غواصتنا يوم الأول من أكتوبر لتتخذ أوضاع القتال، وتقوم بتنفيذ المهام المتخصصة لها فى التوقيتات المحددة، ولأغراض الأمن والسرية فرضنا صمتا لاسلكيا، ولم تكن هناك أية وسيلة للاتصال بهذه الغواصات إلا بعد بدء العمليات الفعلية، وتذكرت فى تلك اللحظات اللواء «ذكرى» قائد البحرية، عندما اتصل بى قبل أن تخرج الغواصات إلى البحر، وقال: «ستخرج الغواصات إلى البحر الآن.. إنى أؤكد لك مرة أخرى أنه ليس هناك من وسيلة للاتصال بهم لإجراء أى تعديل فى التوقيت، هل أعطى لهم أمر بالخروج؟.. قلت له: نعم لا تغيير فى أى شىء».

 

يذكر هيكل فى كتابه «الطريق إلى رمضان» جانبا من التكاتف العربى حدث فى نفس اليوم «2 أكتوبر 1973» قائلا: «وصل إلى القاهرة عدد من ضباط المقاومة من المنظمات الفلسطينية، ونحو 120 من رتب أخرى للاشتراك فى المعركة، وجاءوا بدعوة كان الرئيس السادات وجهها إلى منظمة «فتح» كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، يطلب فيها الاجتماع ببعض كبار المسؤولين الفلسطينيين، وفى لقائه بهم أوضح الرئيس لصلاح خلف «أبو إياد»، وفاروق قدومى «أبواللطف» أن الموقف متوتر جدا، وأن مصر مضطرة إلى تنشيط جبهة القناة، وفهما من الحديث أن ما تعتزمه مصر هو استئناف حرب الاستنزاف، وأن مهمة المقاومة ستكون على الأرجح الاشتراك فى عمليات فدائية داخل سيناء».

 

وتعنى هذه القصة أنه حتى يوم حدوثها لم تكن القيادات الفلسطينية على علم بقرار الحرب التى بدأت يوم 6 أكتوبر، فى الوقت الذى سافر فيه الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية إلى العاصمة السورية دمشق للاتفاق على ساعة الصفر، ووفقا لهكيل: «كانت ساعة الصفر هى المسألة الوحيدة المتعلقة والمؤجلة للحسم حتى آخر لحظة، وكانت موضع خلاف بين الجبهتين.. الجيش السورى يريد أن يبدأ مع أول ضوء لأن الشمس سوف تكون فى وجه مدرعات العدو مع اندفاعة المدرعات السورية إلى هضبة الجولان، والجيش المصرى كان يريد أن يبدأ مع آخر ضوء ليستغل القمر الصاعد مع تقدم ليل 10 رمضان فى إقامة جسور العبور على قناة السويس، وبعدها قتال ليلى يتحرك بسرعة لتطويق النقط الحصينة على خط بارليف».

 

يؤكد هيكل أن المناقشات انتهت فى حضور الرئيس السورى حافظ الأسد بدمشق إلى تحديد موعد آخر لا يتوقعه أحد، وهو أن تبدأ العمليات فى شهر الصوم، فى يوم عيد الغفران فى إسرائيل، وهو الساعة الثانية بعد الظهر فى وضح النهار، وأثناء الصوم وفى غمرة صلوات يوم الغفران.

 

رغم كل هذه الاحتياطات فى تكتم موعد الحرب إلا أن هناك واقعة كادت تفسد كل شىء، يذكرها هيكل قائلا: «فى هذا اليوم «2 أكتوبر» وقعت واحدة من تلك الحوادث السخيفة غير المتوقعة لخرق ستار السرية.. كان من الممكن أن يترتب عليها إفساد العنصر الباقى من عناصر المفاجأة، ففى ذلك اليوم نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط نبأ يقول إن الجيشين الثانى والثالث وهما الجيشان اللذان أوكلت إليهما مهمة شن الهجوم عبر القناة قد وضعا فى حالة تأهب».. يوضح هيكل: «كان من المفروض أن يصدر هذا الخبر فى نشرة خاصة محدودة ترسل إلى عدد قليل جدا من كبار المسؤولين، لكنه نتيجة خطأ من محرر الآلة الكاتبة، أرسلت إلى كل آلات «التيكرز» وإلى جميع المشتركين، وحدثت ضجة شديدة أعقبها قرار بخفض درجة مدير الوكالة، ومع ذلك لم يترتب على نشر النبأ أى أضرار».

موضوعات متعلقة

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours